إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المياه (الحلقة ا  )

إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المياه (الحلقة ا  )

  • إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المياه (الحلقة ا  )

اخرى قبل 2 سنة

إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المياه (الحلقة ا  )

 

إعداد وتقرير علي ابوحبله

 

تعود الأطماع الصهيونية في المياه العربية إلى ما  قبل إنشاء الكيان الصهيوني عام 48 ، فمنذ نشوء وتبلور الحركة الصهيونية في نهايات القرن التاسع عشر كتب تيودور هرتزل عن مستقبل المجتمع الإسرائيلي في فلسطين قائلا :”إن المؤسسين الحقيقيين للأرض الجديدة – القديمة هم مهندسو الماء , فعليهم يتوقف كل شي من تجفيف المستنقعات إلي ري المساحات المجدبة وإنشاء معامل توليد الطاقة الكهربائية”وهكذا نجد إن الحركة الصهيونية منذ نشأتها عملت علي توفير الأساس الاقتصادي لإنشاء الكيان الإسرائيلي في فلسطين ليصبح مكتفيا ذاتيا , مما يحقق له إمكانية استيعاب يهود العالم فتنشأ ”دولة إسرائيل الكبرى” ولهذا بذلت الحركة الصهيونية جهودا كبيرا للسيطرة علي المياه القريبة من فلسطين كمياه نهر الليطاني ومنابع نهر الأردن عن طريق ضمها إلي خارطة فلسطين أو إنشاء المستعمرات بالقرب منها بغية الاستيلاء عليها في المستقبل , حيث تركزت معظم عمليات الاستيطان المبكرة في فلسطين في المناطق الشمالية والساحلية التي تتمتع بوفرة في مصادر المياه

 

وفي مطلع القرن العشرين قام المهندس ويلبوش W.Wilbush عام م1905م بدراسة وادي الأردن وخرج بنتيجة ملخصها أن مياه نهر الأردن لا تكفي حاجات فلسطين من الماء علي المدى البعيد , واقترح تحويل مياه نهر الليطاني إلي نهر الحاصباني احد منابع نهر الأردن لمضاعفة كمية المياه في نهر الأردن . وفي عام 1915 قدم الصهيوني البريطاني هربرت صموئيل – الذي عين عام 1920 مندوبا ساميا لبريطانيا في فلسطين – مذكرة إلي الوزارة البريطانية يطلب فيها إن تبدأ الحدود الشمالية لفلسطين عند جبل لبنان .

كما عملت الحركة الصهيونية علي كافة الأصعدة بعد صدور وعد بلفور عام 1917م علي وضع تصوراتها لحدود دولة الكيان الإسرائيلي , والتي كانت مرتبطة بالمياه , سواء في مقترحات اللجنة الاستشارية لفلسطين عن مقترحات الحدود في 6 نوفمبر 1918 م , أو في مذكرة الحركة الصهيونية لمؤتمر السلام في 3 فبراير 1919 م , أو أثناء انعقاد المجلس الاعلي للحلفاء حول تقسيم خطوط المياه , أو عبر ما ذكره بن جوريون واسحق بن زفي عام 1918 م من أن الحياة الاقتصادية في فلسطين تعتمد علي مصادر المياه الموجودة , ومن الأهمية ضمان استمرار تدفق المياه إليها وتخزينها والسيطرة علي منابعها .

 

وقد توسط الصهاينة الألمان في عام 1918 م لدي حكومتهم وحكومة تركيا لمد مجري نهر الليطاني الحدود الشمالية لفلسطين. وفي رسالة وجهها حاييم وايزمن عام 1919 م إلي لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا أكد فيها علي ضرورة سيطرة الدولة اليهودية علي نهر الليطاني .

وقد تقدمت الحركة الصهيونية إلي مؤتمر الصلح عقب انتهاء الحرب العالمية الأولي مطالبة بان تبدأ حدود الوطن القومي اليهودي من نقطة علي البحر الأبيض المتوسط شمال مصب نهر الليطاني وتمتد شرقا لتضم كافة الينابيع التي تغذي نهر الأردن وهي الحاصباني في لبنان وبانياس في سوريا وتضم شرق بحيرة طبرية وكافة روافد نهر اليرموك في الأردن , وتمر هذه الحدود بالقرب من درعا وشرق عمان وتسير بمحاذاة سكة حديد الحجاز إلي أن تصل إلي خليج العقبة ضامه بذلك كافة الأراضي الفلسطينية وجنوب لبنان وجنوب سوريا وغرب الأردن

 

وضمن حلقة الإطماع والمخططات الصهيونية للاستيلاء علي المياه العربية قبل إنشاء الكيان الإسرائيلي حصل مخططو الحركة الصهيونية عام 1928 م علي موافقة بريطانيا لاستغلال مياه نهري الأردن واليرموك لإنارة فلسطين بالكهرباء , وفي عام 1938 م بدأوا في دراسة جدية لجر مياه الشمال إلي النقب.كما طرح بن جوريون عام 1941م وثيقة تدعو لضرورة وجود نهر الليطاني ضمن حدود الكيان الإسرائيلي , ورافق ذلك في نفس السنة تقديم مشروع إسرائيلي إلي الرئيس اللبناني الفرد نقاش لاستثمار المياه اللبنانية بشكل مشترك بين الكيان الإسرائيلي ولبنان.

 

ثم اتجه الفكر الإسرائيلي إلي مرحلة الدراسة ووضع نماذج مشاريع للاستيلاء علي هذه المياه وذلك عبر مشروع أبو نيدس عام 1938 م ¸ومشروع والتر كلاي لورد ميلك عام 1944 م الذي تضمن اقتراحه عملية الاستيلاء علي مياه نهر الأردن وتحويلها إلي المناطق الشمالية والوسطي مع نقل كميات مائية إلي النفق بواسطة الأنابيب , ثم طرح مشروعي هيز وسافيدج عام 1945م اللذان تضمنا تحقيق الأطماع الصهيونية في الاستيلاء علي المياه العربية.

ومن خلال ما سبق نجد إن هناك إدراكا واضحا للوضعية الجيوبوليتيكية للدولة اليهودية , مما كان له انعكاس علي الفكر السياسي الصهيوني المنادي بالسيطرة علي المياه المحيطة بفلسطين , ووضع حدود الكيان الإسرائيلي , وربط ذلك بالحقائق الجيوبوليتيكية واسطورات الفكر الصهيوني والوعود التوراتية.

 

وقد اتضح ذلك من خلال إدراك زعماء الصهيونية منذ منتصف القرن الماضي , إن تحقيق أهدافهم في تهجير ملايين اليهود إلي فلسطين لن يتم إلا بالتوسع في السيطرة علي أراضيها , وان التوسع في استغلال الأراضي لن يتم إلا بتأمين كميات كافية من المياه لإروائها , وبالهيمنة الكاملة علي مصادرها وقد قامت الصهيونية بدور مهم في تحديد الحدود السياسية لفلسطين في عهد الانتداب وذلك لضمان الإبقاء علي مصادر المياه داخل فلسطين , كما أنها أثرت علي بعض الدول الكبرى التي أسهمت في وضع مشروع تقسيم فلسطين عام 1947م , وذلك لضمان إدخال الكثير من مصادر المياه ضمن حدود الدولة اليهودية المقترحة في خارطة التقسيم , واستطاعت أن توجه ذلك لخدمة مصالحها مما يوضح إصرار الفكر الصهيوني علي السيطرة علي منابع المياه حول فلسطين.

 

أن الحلم الصهيوني بالسيطرة علي مصادر المياه العربية في فلسطين والدول العربية المجاورة , الذي احتل مكانا بارزا في الإستراتيجية الصهيونية من موقع أهميته في خدمة مخططات التوسع , وزيادة مساحة الأراضي المرورية , ومتطلبات الصناعة المتطورة , ومخططات الهجرة والاستيطان , حوله الكيان الإسرائيلي بعد قيامة عام 1948م علي ارض فلسطين إلي واقع حي وملموس , مستفيدا من حالة الضعف والعجز العربي ومستندا في ذلك إلي دعم غير محدود من الولايات المتحدة.

وهكذا نجد من خلال العرض التاريخي السابق اهتمام الصهيونية العالمية – فكرا ودراسة وتطبيقا – منذ نشأتها بالبحث عن الإمكانات المائية في فلسطين , والسعي للسيطرة عليها كمؤشر لمدي الأهمية البالغة التي كانت توليها لهذا الموضوع , ومدي تخطيطها البعيد المدى , ومساعيها الدءوبة لوضع تلك المصادر تحت تصرف مشاريعها الاستيطانية والاستعمارية .

 

المصادر

 

المركز الديمقراطي العربي

الدراسات البحثية/الأفريقية وحوض النيل

الأفريقية وحوض النيل الدراسات البحثية

قضايا المياه في الصراع العربي – الاسرائيلى “الرؤى و الإشكاليات

الباحث: حسين خلف موسى – المركز الديمقراطى العربى

التعليقات على خبر: إسرائيل ومحاولات الهيمنة على المياه (الحلقة ا  )

حمل التطبيق الأن